بغية المسترشدين
(مسألة: ي): صريح العقود لا يحتاج إلى نية، بل إلى قصد معنى اللفظ بحروفه في الجملة، فخرج به جريانه من نائم ومجنون وأعجمي لا يعرف معناه جملة وتفصيلا فلا يقع ما لفظوا به، ودخل من يعرف معنى اللفظ إجمالا لا تفصيلا فيقع، فمن قال لآخر: وهبتك أو منحتك أو ملكتك أو أعمرتك أو أرقبتك هذا، وهو لا يميز معنى ما لفظ به حقيقة، لكن عرف أن هذا اللفظ يؤتى به لنقل الملك من المخاطب إلى المخاطب مجانا وقع منه ما لفظ به لمعرفته ذلك إجمالا، كما لو لفظ بصريح ببيع أو طلاق، ولا يعرف خصوص ما لفظ به، لكن يعرف أنه يؤتى به لنقل الملك بعوض ولقطع عصمة النكاح، ولو وهبت امرأة أرضا لأخرى وكتبت لها: بأني أهديت لك أرضي صح، وإن كان لفظ الهدية مغايرا للفظ الهبة لاتحادهما معنى وهو نقل الملك بلا عوض وإن اختلفا تفصيلا واصطلاحا، فلو ادعت جهلها بما تلفظت به، فإن دلت قرينة حالها على الجهل ولم تكن مخالطة لمن يعرف ذلك صدقت بيمينها وإلا فلا تسمع دعواها.
اعانة الطالبين
ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية لعجمي لا يعرف معناها الأصلي بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح صح كذا أفتى به شيخنا والشيخ عطية.
وقال في شرحي الإرشاد والمنهاج: أنه لا يضر لحن العامي كفتح تاء المتكلم وإبدال الجيم زايا أو عكسه.
_________
(قوله: ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية) أي عبر عن النكاح بالصيغة العربية لا العجمية.
وقوله لعجمي، متعلق بعقد.
وقوله لا يعرف: أي ذلك العجمي.
وقوله معناها: أي معنى الصيغة العربية، وقوله الأصلي: الذي يظهر أن المراد به اللغوي، لا الشرعي، الذي هو إنشاء الإيجاب أو القبول، وإلا لما صح قوله بعد بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح، لأن المراد بعقد النكاح الإيجاب والقبول، فإذا عرفه عرف المعنى الشرعي فحينئذ
لا يصح قوله لم يعرف معناها الأصلي - أي الشرعي - فتنبه
0 Komentar